تغطية وتصوير – محمود مصطفي كمال

"مفيش تخصص في السواقة!" .. بهذه الكلمات رد رامي سري علي أحد محبيه بعدما تجمعوا حوله بعد سباق رويال رامبل 2012 بالساحل الشمالي لإلتقاط الصور التذكارية، وذلك حينما اخبروه بأنه كان لا يجب أن يكون هناك سباق كارتنج لأن السائقين المصريين غير متخصصين في سباقات الكارتنج، فرد عليه رامي أن قيادة السيارات لا يوجد بها تخصص وأن السائق الحقيقي عليه أن يطور من أسلوب قيادته في كل شئ حتي وإن تميز في أحد أساليب القيادة وهو الطبيعي، هذه الكلمات تلخص الحدث الكبير في رياضة السيارات والذي استضافه الساحل الشمالي بمصر يوم أمس في واحدة من أكثر الليالي الممتعة لمحبي رياضة السيارات وأطولها أيضاَ.

تقوم قكرة سباق رويال رامبل علي اخراج أفضل ما في السائق عن طريق المنافسة بين مجموعة السائقين في ثلاث سباقات مختلفة وهي الكارتنج وسباق الاوتوكروس ضد الزمن وسباق الدريفت، ويفوز السائق صاحب أعلي النقاط في السباقات الثلاثة، وهو ما اختبر مهارة السائقين جميعاَ وقدرتهم علي التحمل أيضاَ، فخوض ثلاث سباقات في يوم واحد ليس شيئاَ سهلاَ علي الاطلاق، خاصة وأن السباقات الثلاثة مهمة للغاية وتحدد من الفائز، كما أنها مختلفة تماماَ مضموناَ.

بدأت الفعاليات في حوالي الثامنة والنصف بعد تجمع عدد كبير من محبي رياضة السيارات الذين أتوا خصيصاَ من القاهرة والأسكندرية ومحافظات أخري أيضاَ لمشاهدة السباق، وأيضاَ من تصادف وجودهم في الساحل الشمالي في الاجازات الصيفية وقت السباق، وقد ظهر في الحضور الجماهيري كم ستكون الليلة مليئة بالإثارة، ما أكد علي ذلك هو المضمار الكبير الذي فاز بإعجاب كل من شاهده قبل بداية السباق، والذي أشرف عليه المهندس محمد عبد المنعم الصاوي بنفسه وهو رئيس مجلس ادارة شركة "عالمية" المنظمة للسباق ولسباقات اوتوكروس منذ بدايتها في مصر منذ 21 عاماَ، حتي أنه كان يقوم بنقل البراميل واطارات السيارات بنفسه في أحيان كثيرة وسط السباق للتأكد من سلامة المتسابقين والمشاهدين، مما أبرز مدي حبه لرياضة السيارات التي قال عنها في خطابه الافتتاحي للسباق بأن الأن هناك فرصة لهذه الرياضة شأنها شأن أي شئ كان مهمشاَ في ظل الدولة البوليسية التي كنا نعيشها، مؤكداَ أن سباق اوتوكروس كان قد تأخر لمدة عام لذلك كان لابد من العودة بشئ قوي للغاية وكانت النتيجة "رويال رامبل".

ثم تحدث نادر مقبل أحد منظمي السباق ومدير قسم اعلانات الطرق بشركة "عالمية" المنظمة لرويال رامبل، وأعلن عن قائمة أسماء السائقين المشاركين في رويال رامبل 2012، وقد ظهر أثناء اعلانه للأسماء مدي الشعبية التي يحظي بها رامي سري وعمرو مكجايفر اذ كانا أكثر اسمين اثاروا حماس الجمهور وتصفيقهم، لكن في النهاية لم يشارك عمرو مكجايفر في السباق كما كان مقرراَ، وأيضاَ نادر الخياط وطارق خضر.

واعلن نادر مقبل عن مشاركة البطل الأردني في سباقات السيارات فادي بكاوي الذي جاء إلي مصر خصيصاَ للمشاركة في رويال رامبل 2012، وقام بجولة في المضمار حازت علي اعجاب وتصفيق الجمهور الحاضر. وقد شارك بكاوي بسيارة المتسابق معتز عاطف ميتسوبيشي ايفو وحملت السيارة اسميهما.

كما شهدت رويال رامبل أيضاَ مشاركة من محبي وراكبي الدراجات النارية الذين حضروا بكثافة بمجموعتي Alex Cruisers وArabian Knights، وقام الجمهور بتحيتهم ثم قاموا بجولة في مضمار السباق للإعلان عن حضورهم.

بعد الإعلان عن الأسماء بدأ التحضير لجولة الكارتنج التي تم فيها تقسيم المتسابقين إلي مجموعات رباعية في المضمار، وقد سبق جولة الكارتنج توقعات حتي قبل بداية رويال رامبل بأن يفوز بها طارق خضر بطل سباقات الكارتنج ولكنه لم يشارك السباق، وأيضاَ توقع الكثيرون فوز شادي أسامة أو أحمد غانم زيدان، وقد كان شادي أسامة أحد أكبر المشاركين جهداَ لمشاركته في السباق كمنظم وكمتسابق في ذات الوقت مما لم يفسح له مجالاَ للراحة في أي مرحلة من من مراحل السباق، وبعد منافسة شديدة بين أبطال مصر في جولة الكارتنج استطاع أحمد غانم زيدان أن يتوج بطلاَ لهذه الجولة ليبدأ بعدها تغيير شكل المضمار ليصبح جاهزاَ لإستضافة سباق الاوتوكروس، وهو أحد التحديات التي نجح فيها منظموا السباق الذين استضافوا ثلاث سباقات مختلفة تماماَ في طبيعتها علي مضمار واحد، وقد نجحوا في ذلك وإن تأخر تأهيل المضمار ما بين مرحلتي الكارتنج والاوتوكروس، وقد قضي الجمهور هذا الوقت في التقاط الصور التذكارية مع المتسابقين وفي الاستماع للموسيقي للـDJ المصاحب للسباق.

بدأت جولة الاوتوكروس، السباق الأشهر علي الاطلاق في مصر، وابتعدت سيارات الكارتنج عن المضمار وظهرت السيارات الحقيقية وبدأ حماس الجمهور في الارتفاع لمشاهدة المتسابقين يشاركون في جولتين للاوتوكروس يحسب الأعلي منهم في عدد النقاط، واوتوكروس هو سباق ضد الزمن يفوز فيه من حقق أقل مدة زمنية في المضمار في احدي الجولتين، وفي حالة التصادم مع اطارات السيارات أو البراميل الموجودة في المضمار خلال المشاركة يتم احتساب عقوبة زمنية تضاف لمجموع الزمن الذي حققه المتسابق داخل المضمار.

وقد بدأ فادي بكاوي السباق ليحقق مشاركة حظيت بإعجاب الجمهور وإن لم تؤهله للفوز بالسباق بعد تحقيق زمن قارب علي دقيقتين، وبعده شارك باقي المتسابقين ليتصدر الجولة الأولي أحمد غانم زيدان بزمن دقيقة و44 ثانية هو الأقل بين المتسابقين.

المرحلة الثانية كانت مليئة بشكل أكثر بالدراما، إذ خرج منها الكثير من المتسابقين لمشاكل ميكانيكية في السيارة، إذ تعطلت السيارة ميتسوبيشي ايفو الخاصة بفادي مكاوي ومعتز عاطف أثناء مشاركة فادي بكاوي وذلك عند محاولته اللف بها 360 درجة داخل المضمار لتتوقف السيارة تماماَ ويخرج فادي بكاوي من المضمار علي قدميه وسط تحية حارة من الجمهور له ولمشاركته المميزة.

أيضاَ تعطلت سيارة شادي أسامة ميتسوبيشي كولت أثناء المرحلة ذاتها في نهاية المضمار وهي اللف 360 درجة وذلك لمشكلة في ناقل الحركة أعلن عنها شادي اسامة قبل المشاركة، فيما خرج وليد أمير من الجولة الثانية لإصطدام سيارته بسور في المضمار.

حقق رامي سري وهيثم سمير مشاركتين مميزتين في جولة اوتوكروس وإن لم يفوز أحدهم بالسباق، لكن الاثنين حظيا بتشجيع كبير وتصفيق من الجمهور، أيضاَ أحمد قاسم متسابق فريق زمزم لرياضة السيارات حقق ظهوراَ مميزاَ للغاية فيما يشبه الاعلان عن نفسه بأنه قادم في السباقات القادمة، خاصة وأنه يعتبر أصغر المتسابقين سناَ تقريباَ، وقد قدمه المهندس محمد الصاوي علي أنه أحد الموهوبين بحق في قيادة السيارات، وسط كل ذلك نزل أحمد غانم زيدان ليحقق مشاركة نموذجية وزمن شبه تعجيزي للمتسابقين وهو دقيقة و38 ثانية! لم يستطع أن يقترب منه سوي تامر باشات بتحقيق دقيقة و40 ثانية، وتامر باشات هو البطل المتوج في الجيل الحالي بأعلي عدد مرات فوز في أوتوكروس بـ11 فوز بعد الرقم القياسي لكابتن ناصر أبو هيف وهو 18 فوز، وقبل مشاركة تامر باشات قال المهندس محمد الصاوي بسؤال الجمهور عن من هو صاحب أعلي عدد من مرات الفوز في منافسات اوتوكروس، ليوجه بعدها تحية خاصة إلي كابتن ناصر أبو هيف الذي قاد جيل كامل أسس المشهد الحالي لرياضة السيارات في مصر من أواخر الثمانينات منذ أن كان السباق اسمه "سباق العربة الطائشة" وحتي الأن.

انتهت جولة الاوتوكروس بالطبع بفوز أحمد غانم زيدان بسيارته برودوا كاليسا بالزمن التعجيزي الذي حققه في المضمار، وحسم بشكل شبه نهائي وجوده بين المتوجين في رويال رامبل 2012 وإن لم يحسم بعد من سيكون الثاني والثالث، وهو ما تم تركه لجولة الدريفت.

بدأت الجولة الاكثر اثارة، ليتحول معها كل شئ، فالجماهير التي ظننا أنها قد بدأت في النوم حولت ساحة السباق إلي ستاد القاهرة الدولي في مباراة نهائية! فشهد المضمار تصفيقاَ وحماساَ لم يشهده منذ بداية السباق، وذلك خاصة في مشاركات رامي سري وهيثم سمير وأحمد الوكيل ومعتز عاطف الذي قال له المهندس محمد الصاوي: "أنت كنت مخبي السواقة دي فين؟!"، كما أكد أحمد قاسم متسابق فريق زمزم لرياضة السيارات جدارته بإعجاب الجمهور في جولة الاوتوكروس بعدما قدم اداءاَ استثنائياَ رغم اصطدامه بإطارات وبراميل بالمضمار إلا أنه خرج وسط عاصفة من تشجيع الجمهور الذي عاد لنشاطه رغم أن جولة الدريفت كان في حوالي الثالثة والنصف فجراَ! كما شارك أحمد غانم زيدان في جولة الدريفت بسيارة بي ام دبليو بدلاَ من برودوا كليسا الغير مؤهلة للمشاركة في جولة الدريفت.

بعد انتهاء جولة رامي سري وتشجيع الجماهير له قال له المهندس محمد الصاوي بأن الجمهور سيحب أن يشاهد استعراضاَ حراَ منه الأن، وهي الجملة التي قوبلت بعاصفة أخري من تشجيع الجمهور الحاضر الذي تمت مكافئته بإستعراضين ثنائيين، الأول بين رامي سري وأحمد الوكيل، والثاني بين معتز عاطف وهيثم سمير، وبدأ الجنون! تغطت رويال رامبل تحت سحابة من دخان احتراق الاطارات واحتكاكها بالأسفلت، فقد قدم المتسابقون أفضل ما عندهم بعد التسابق في ثلاث جولات لمدة تزيد علي الست ساعات لتصبح نهاية رويال رامبل 2012 هي نقطة الأوج في الاثارة التي شهدتها المسابقة وليتم بعدها تتويج الأبطال والذي سبقه تحية رامي سري وأحمد لبعضهما البعض بعض استعراض قوي يتشاركان فيه للمرة الثانية في أسبوع واحد، إذ قدم الاثنان عرضاَ حراَ للدريفت في ختام منافسات بطولة ناصر أبو هيف الأسبوع الماضي، ليتم بعدها تتويج الأبطال.

فاز بالمركز الأول في رويال رامبل بعد مشاركة مميزة أحمد غانم زيدان ليضيف إلي القابه التسعة لقب جديد هو الأصعب، وليقلل الفارق بينه وبين تامر باشات صاحب الـ11 فوز، وجاء في المركز الثاني هيثم سمير، وجاء في المركز الثالث رامي سري.

التقط بعدها الجماهير معهم الصور التذكارية وليخرج الجميع في سعادة من الساحة التي شهدت أحد أكثر أيام هذا الصيف اثارة، فقد كان السباق كبيراَ ويمكن القول بأنه يأخذ سباقات السيارات في مصر إلي مرحلة جديدة، بسباقاته الثلاث والأسماء المشاركة به والمكان الذي أقيم به والحضور الجماهيري، فهو أحد السباقات القليلة التي يمكن القول بأن كل من شارك فيها .. فائزاَ!