تجربة: محمود مصطفي كمال

مثل التوقف في حفلة منتظراً دخول فرقة الروك المفضلة لك .. ومع سماع نوتة موسيقية تلعبها أحد الجيتارات الكهربائية معلنة حضورهم تبدأ في الشعور بحماسة غير مسبوقة .. سمعت صوتاً لمحرك يقترب عداد لفاته من المنطقة الحمراء مستعداً لتدٌخل من ناقل الحركة لمواصلة الزئير معلناً عن وجودها .. ووصولها ..

كنا في طريقنا إلي داخل حلبة ألفا روميو سيراً علي الأقدام في «بالوكو» الإيطالية، ولكي أختصر لكم قصة طويلة، هذه هي الأرض المقدسة لمحبي ألفا روميو، هنا يبدأ السحر كله منذ بداية الستينات بمنتصف الطريق بين ميلانو وتورينو، هنا كان المهندسون يختبرون 33 Stradale في الستينات قبل أن يراها أحد، كسيارة جديدة يتأهبون لطرحها للأسواق .. ألفا روميو سبايدر .. ألفا روميو بيريرا .. ألفا روميو 8C Competizione الإختبارية .. جميعهم تسارعوا علي هذا الأسفلت.

علامة مثل ألفا روميو لها تاريخ بسيارات السباق يمتد إلي ما يزيد عن مائة عام، تحديداً عام ١٩١١، مع السيارة تارجا فلوريو، كما كانت ألفا روميو الفائز بأول بطولتي عالم لسباقات فورميلا ١ للسائقين عامي ١٩٥٠ و١٩٥١، بل في الواقع أن فريق Scuderia Ferrari الشهير كان في الأساس فريق أسسه إنزو فيراري ليتسابق بسيارات ألفا روميو، حتي قامت فيراري بصناعة سياراتها الخاصة عام ١٩٤٧ .. جينات التسابق والسرعة متأصلة بجذور ألفا روميو.

ألفا روميو 4C هي الوريث الحالي لهذا التاريخ الطويل من التسارع والتسابق، بين قائمة موديلات ألفا روميو التي تضم بجانبها حالياً السيارتين جوليتا وميتو. في الواقع أن 4C تختلف بشكل جوهري عن أي سيارة رياضية مماثلة، ففي الوقت الذي يتجه فيه معظم صانعي السيارات الرياضية إلي تكبير حجم المحرك وإضافة محركات V6 وV8 للسيارات، إتجهت ألفا روميو إتجاهاً معاكساً بتخفيف وزن السيارة لأقصي درجة، ألفا روميو 4C تزن ٨٩٥ كيلوجراماً فقط!

الكاربون فايبر هو السر، العنصر خفيف الوزن شديد المتانة الذي تجده في العديد من أجزاء السيارة، وفي مقدمتها الشاسيه الذي يزن ٦٥ كيلوجراماً فقط، هذه السيارة بجانب كونها سيارة فريدة، فهي تعبر بشكل قوي عن الأولويات الأوروبية! محركات صغيرة وإستهلاك قليل للوقود وإنبعاثات بيئية محدودة.

جاءت ألفا روميو 4C إلي مكان الإختبار بالحلبة ذات المتطلبات الكثيرة! فهناك منحني مستوحي من منحني مشابه بحلبة مونزا الشهيرة بسباقات فورميلا ١، وأخر من حلبة سبا، أن تكون وحيداً علي حلبة بمثل هذه المواصفات مع ألفا روميو 4C هو شئ لا يضاهيه أي شئ أخر بتلك الدفعات الهائلة من الأدرينالين التي تبدأ بمجرد سماع صوت السيارة الذي يعد أحد نقاط تميزها الذي ركزت عليه ألفا روميو وقت إطلاقها، وستعرف لماذا فعلت العلامة الإيطالية ذلك بمجرد سماع صوت السيارة في تجربة القيادة المصورة بالفيديو التي ننشرها خلال الأيام القادمة.

من الصعب التعليق علي تصميم ألفا روميو 4C، فهو تحفة تجمع بين عمل مصممي العلامة الإيطالية ومهندسي ديناميكية القيادة والأداء الأيروديناميكي. حدة التصميم تستطيع أن تجدها في كل زاوية تنظر للسيارة منها، أيروديناميكية السيارة تنبئ بتجربة قيادة سريعة سنقوم بها خلال دقائق، ولا تستطيع سوي أن تري جذور هذا التصميم في السيارة 33 Stradale التي قدمتها ألفا روميو عام ١٩٦٧.

فتحت باب السيارة وجلست بداخلها، وضعية الجلوس المنخفضة للغاية وزاوية الركبة الواسعة كوضعية قيادة تعطيك إحساس رياضي للغاية، ومع الضغط علي بدال الوقود، يبدأ السحر!

مع وزن أقل من ٩٠٠ كيلوجرام، كان المحرك رباعي الإسطوانات سعة ١٧٥٠ سي سي المزود بشاحن توربيني، بقوة ٢٤٠ حصان، كافياً ليصل بنا إلي سرعة ١٠٠ كيلومتر في الساعة خلال 4.5 ثانية فقط! فهنا عدد الأحصنة ليس الرقم «البطل» لهذه السيارة، وإنما نسبة القوة في مقابل الوزن، نسبة تصل إلي أقل من ٤ كيلوجرامات فقط لكل حصان! كما أن المحرك الموجود بمنتصف السيارة يعطي لتجربة القيادة موسيقي فريدة من نوعها تجعلني أظن أنه في حالة إقتنائي لهذه السيارة قد لا أشغل النظام الصوتي علي الإطلاق .. ونعم، تستطيع سماع صوت التيربو بمنتهي الوضوح أثناء التسارع .. وجود المحرك بمنتصف السيارة وصوته الخارق ومخرج العادم الرياضي يجعلك تشعر بأن بدال الوقود وعجلة القيادة موصلان مباشرة إلي رأسك وأنك جزء من السيارة.

مع أول منحني بطئ تعرف أن عجلة القيادة لا تحمل نظام مؤازرة .. هذه السيارة بها جينات كلاسيكية كثيرة .. المدرسة القديمة في القيادة! تتوافر مع ناقل حركة أوتوماتيكي وبدالات خلف عجلة القيادة لنقل الحركة يدوياً -طريقتي المفضلة للقيادة- ويمكن قيادتها علي أربع أوضاع ديناميكية، وهي All-Weather, Natural, Dynamic وأخيراً وضعية Racing، وتغير هذه الأوضاع من ديناميكية القيادة بوضع السيارة في وضعية إستعداد بكافة أنظمة الثبات للقيادة في مختلف الظروف الجوية وخاصة الممطرة مثل يوم إختبارنا للسيارة، وأخيراً وضعية Racing التي تقوم بإبطاء عمل كافة أنظمة الثبات ونظام الفرامل المانعة للإنغلاق وتسلم التحكم في السيارة بالكامل للسائق.

تنطلق في المنحنيات بإحساس الدفع الخلفي وصوت المحرك والتيربو من خلفك، كما أن السيارة عريضة نوعاً ما وتأتي العجلات الخلفية بقياس بوصة أكبر من العجلات الأمامية، إذ تأتي العجلات الخلفية قياس ١٩ بوصة والأمامية ١٨ بوصة، مزودة بإطارات بيريللي Pzero فائقة الأداء، وأخيراً قد جاء في الحلبة خط تسارع طويل ..ببدالات نقل الحركة خلف عجلة القيادة قمت بالإنتقال لترس أكبر من أجل تحفيز التسارع بناقل الحركة السريع Alfa TCT Dry Twin-clutch، وبدأت في التسارع، ١٠٠ كيلومتر في الساعة .. ١٥٠ كيلومتر في الساعة .. ١٩٠ كيلومتر في الساعة .. ٢٢٠ كيلومتر في الساعة خلال ثوانِ قليلة بأداء مذهل لهذه السيارة الرياضية خفيفة الوزن مع وجود Soundtrack رائع من المحرك ومخرج العادم! كنت أثبت كاميرا خارج جسم السيارة أتمني أن تكون ما زالت في مكانها! والأن إنتهي الخط .. وقت كبح هذه السرعة .. بالتأكيد إذا كنت تريد التسارع لسرعة ٢٥٨ كيلومتر في الساعة هي السرعة القصوي للسيارة فأنت تريد أن يكون لديك القدرة علي التوقف، وهو ما ترفره أقراص بريمبو المهواة بالفرامل الأمامية والخلفية، لتتوقف السيارة خلال ٣٦ متر فقط من سرعة ١٠٠ كيلومتر في الساعة.

المنحنيات المستوحاة من حلبات السباق تخبرك بمدي ثبات هذه السيارة بفضل تصميمها وديناميكية قيادتها، فهذه السيارة إلي جانب كونها سيارة رياضية مناسبة للإستخدام اليومي فهي أيضاً سيارة حلبة ممتازة.

بعد إنتهاء تجربة القيادة أحتاج إلي جرٌاح ليقوم بإخراجي من السيارة! فحالة التوحد مع السيارة التي تسيطر عليك أثناء القيادة بسبب وضعية القيادة وصوت المحرك والتحكم الشديد بكل ما في السيارة يجعلك في حاجة إلي بعض الوقت لإستيعاب فكرة أن القيادة قد إنتهت! العلامة الإيطالية العريقة بتركيزها علي نسبة الوزن في مقابل القوة جعلها تنتج سيارة تكسر قواعد سيطرة الماكينات الألمانية، فهي سيارة خارقة بمحرك صغير وإنبعاثات بيئية قليلة وتصميم أنيق للغاية، سيارة هي وريث جدير بالتاريخ الكبير لألفا روميو الذي يمتد لأكثر من قرن.